كيف تنافس شركاتنا الناشئة إقليمياً وعالمياً؟

كيف تنافس شركاتنا الناشئة إقليمياً وعالمياً؟

لقد كثَّفت المملكة في السنوات الأخيرة جهودها الرامية إلى دعم مجتمع الشركات الناشئة، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من التشريعات والمبادرات الحكومية، والتي تهدف إلى تحفيز روح ريادة الأعمال والابتكار، من أجل أن تصبح السوق السعودية محوراً لريادة الأعمال في المنطقة.

وشملت هذه المبادرات التي تدعمها الحكومة إنشاء شركات جديدة لدعم بيئة ريادة الأعمال السعودية، وتوفير التراخيص اللازمة لشركات رأس المال الجريء والشركات الناشئة، والاستثمار في صناديق رؤوس الأموال الجريئة المحلية، ومنصات التمويل، للشركات الصغيرة والمتوسطة، فضلًا عن حاضنات ومسرّعات الأعمال، ليصبح هذا القطاع محفزاً للابتكار والإبداع.

وفي وثبة لتحقيق هذه الأهداف، جاء إنشاء شركة حاضنات ومسرعات التقنية «بياك»، كإحدى أبرز المبادرات الحكومية، الهادفة لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي في المملكة، وبناء منظومة حيوية ومزدهرة لريادة الأعمال، بجانب تطوير رأس المال البشري .

وتضطلع «بياك» بمهام عديدة، عبر تشــغيل وإدارة منصــات دعــم ريــادة الأعمــال وبرامــج الابتــكار ونقــل التقنيــة، إلى جانب تحفيز مشهد ريادة الأعمال، من خلال قيادة جولات التمويل الاستثمارية التي تنفذها الشركات التقنية الناشئة ذات النمو المرتفع، وصولاً إلى تسهيل حصول تلك الشركات، في مراحل التأسيس المبكرة على التمويل اللازم.

وخلال السنوات الماضية، شهدنا في «بياك»، العديد من البوادر التي تشير إلى نضوج بيئة الشركات الناشئة في السوق السعودية؛ فمع نمو الشركات الناشئة، وبروز العديد من قصص النجاحِ الملهمةِ، وتوسع العديد منها، في الأسواق الإقليمية والعالمية، شهدنا نجاح المزيد منها في تلقي استثمارات كبيرة، وخروج المزيد من الشركات، ، إضافةً إلى وجود اهتمام مستمر من المستثمرين الدوليين في الشركات الناشئة السعودية.

وأحدث وأبرز قصص النجاح الملهمة، ما أعلنته شركة «نتفليكس» الرائدة عالمياً، في مجال تقديم خدمة البث الترفيهي،مؤخرا، عن حصولها على الحقوق الحصرية لعرض 6 أفلام قصيرة تحت اسم «ستة شبابيك في الصحراء» من إنتاج استوديوهات « تلفاز١١»، إحدى الشركات المتخرجة من برنامج بادر لحاضنات ومسرعات التقنية، والذي تديره وتشغله «بياك»، الأمر الذي يؤكد جودة رواد الأعمال الذين يتقدمون للانضمام إلى البرنامج.

وتعرف شبكة « تلفاز١١»، على نطاق واسع في الفضاء الرقمي بالعالم العربي بفضل المحتوى الترفيهي الذي تقدّمه والمستمد من الثقافة المحلية، وقد أنتجت عدداً من البرامج، مثل “التمساح” و “خمبلة” و”الخلاط” و” توب ٥”، واكتسب شعبية واسعة النطاق، في جميع أنحاء المنطقة، نسبة لجودة محتواها وجاذبيته.

ونجاح التعاون بين شركة «نتفليكس» العالمية وشبكة « تلفاز١١»، يؤكد على جودة مخرجات حاضنات ومسرعات الأعمال التي تقوم «بياك»، بإدارتها وتشغيلها، كما أنه دليل عملي على قدرة رواد الأعمال السعوديين والشركات التقنية الناشئة، على صناعة محتوى وعلامات تجارية تنافس إقليميا وعالميا، إذا ما وجدت الاهتمام والدعم والتأهيل اللازم.

ربما لا توجد حتى الآن صناعة حقيقة للأفلام في السعودية، إلّا أنّ جيل الشباب السعودي يصنفون الآن كروّاد، عربياً، في صناعة الأفلام عبر “يوتيوب”، حيث برزت قنوات مثل « تلفاز١١» و«صاحي»، كشركات تقنية ناشئة استثمرت في هذا القطاع واستغلت حركة الإنترنت الناشطة في السعودية. وبالتالي، لا عجب أن يحقق أحد فيديوهات هذه القنوات مليون مشاهدة خلال يوم واحد من عرضه.

وقد يكون حصول «نتفليكس» على الحقوق الحصرية لعرض 6 أفلام قصيرة من إنتاج « تلفاز١١»، حافزًا لإطلاق مشاريع سعودية أخرى مماثلة، لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن المملكة تعيش ثورة ريادية تستقطب المبدعين والمبتكرين، وأن المرحلة المقبلة ستتميز بالتركيز على الإبداع وإيجاد قيمة مضافة للمشاريع وإيصالها للعالمية.

ونحن إذ نفخر بإنجازات الشركات الناشئة السعودية، مثل « تلفاز١١»، لنؤكد مجدداً على الدور الكبير الذي بذلته كافة الجهات الحكومية والخاصة والمعنية بدعم المبادرات الريادية وتمكين رواد الأعمال معرفياً وعملياً وتشجيعهم على تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة قادرة على المنافسة، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، والتي بدورها أسهمت مجتمعة، في ترسيخ مكانة المملكة كمركز لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، على مستوى المنطقة ودعم تنافسيتها عالمياً.

لذلك، نتوقع خلال المرحلة القادمة، أن تستفيد الشركات الناشئة، من بيئة ريادة الأعمال المحفزة بالمملكة، لتعمل بصورة مكثفة، على مضاعفة جهودها، لتطوير منتجاتها وخدماتها، وفق الجودة والمواصفات العالمية، لتتبوأ مكاناً مرموقا إقليميا وعالميا، وسط عالم لا يعترف إلا بمفهوم الجودة والتميز ، فهما أولى خطواتنا للمنافسة عالميا.